خليفة أم أمة، الإسلام كموضوع تاريخي

ان أمنية الخلافة غالباً ما سُمعت لدى المسلمين. تماما كما لدى الناس الذين يحلمون بعدالة دولية، بدولة أوروبية  أو بالاممية الخامسة. يبدو لنا أن هذا التفكير يجب أن يكون ذا معنىً، خلف هذا الحنين لماضٍ انقضى  للملكية أو “للعصر الذهبي”. (علاوة ً على الاعتماد على القوة الفكرية للاسلام أكثر من القوة العسكرية). الحاجة الى مَلك ، لانه هكذا تتمثل طريقة التعبير عن الحاجة، يخفي في رأينا مفهومين مهمين وضعهما القران في مصطلح “خليفة”.

أولاً، مسؤولية الانسان. أول ظهور للكلمة كان في خلق الانسان، عندما ” قال الله للملائكة أني جاعلٌ في الأرض خليفة”. هذا اللقب الذي أُعطيَ للإنسان يحمله مسؤولية على الأرض أمام الله. دوراً للعب. عدم الرضى من الطريقة التي يتحرك بها العالم برمته    يجب ان تكون الاكتشاف لكل كائن واع، وهذه الحالة من عدم الرضى هي التي نقرؤها خلف تصلب (تعنّت) المسلمين في العالم الغربي . ظهرت الكارثة من الحضارة الإنسانية، لأن تصبح شموليةً و تدمير الكوكب، وعدم وجود افاق ملموسة للتطورات الإيجابية، يجب أن يسأل الجميع عن المكانة الخاصة التي يحتلها الانسان في العالم. بالمقابل، نعتقد ان البشرية يجب ان تتحقق، وأن يُؤخَذَ بيدها لاعادة الحياة الى العالم  كما توحي الثقة الموضوعة في الانسان. هكذا يبدو المعنى الحرفي لكلمة “خليفة” في القران. ان الإنسانية هي الموضوع الرئيسي على هذا الكوكب، مما يفسر أهمية انتقاد أفعالنا، وكذلك احباط كل انسان لعدم قدرته على التأثير في مستقبل العالم.

هناك احباط ثانِ، وهو بالتأكيد في الذاتية الإسلامية الأولى، هو انه لا الإسلام ولا العالم الإسلامي ليسو موضوعا قادرا على العالم الحديث. المدمر تحت قنابل الامبريالية التي تريد ضمان الموارد الطبيعية، مقسمة ومقلصة من قبل القوى الفاسدة في ميزان القوى العالمية، العالم الإسلامي ليس الا ظل لنفسه. كيف لا يمكننا سماع صراح بني إسرائيل للنبي صموئيل : ” أعطنا ملِكاً كما للأمم الأخرى؟” ملكا مكان الله  المطلب الحقيقي والملائم الذي يُسمع وراؤه الخليفة، أليست هذه الشكوى من عدم وجودنا في العالم؟ أليس هذا هو المطلب بن يكون الإسلام من جديد موضوعاً للتاريخ، ولأن يعيد على الأقل للعالم الإسلامي ان لم يكن على الأرض ، احتمالية وجود عالم صحيح؟  ان خلف الدعاية المسيانية لداعش، ” دولة إسلامية”، الا يجب ان نقرا الرغبة في تحرير العالم العربي؟ الامر الذي يأخذ معنى أوسع بالنسبة لنا: ادراج تحرير العالم الإسلامي في تحرير البشرية وانجازاتها ، الذي هو طريق الإسلام.

ان هاتين النقطتين مرتبطتين ارتباطا وثيقا، وبالنسبة لنا ان المطالبة بالخلافة ينقل الحاجة الحقيقية لقوة  تعيد تشكيل العالم. إعادة انشاء الإسلام كموضوع متحول للواقع، كمشروع ومسار نحو عالم حر، ومسالم وكريم ، كما كان خارج نزاعات الجماعات الإنسانية. إنسانية قادرة لأن تتوجه نحو المسؤولية على الأرض الحية. هذا هو ما يعني لنا  الوعي العملي للاسلام . خلف هذا النقد للأيديولوجية الإسلامية الحالية، بالنسبة لنا يوجد رهانين حقيقيين. ماهي القوى المادية في اللعبة وما هو الدور العملي الذي بإمكاننا لعبه بحسب الأهداف الطموحة  ولكن الملموسة التي تطرحها مسألة الخليفة.

ان القوة التي بإمكانها ان تتواجد، والتي يمكننا ان نبنيها اليوم بالفعل، ، الموضوع الإنساني والعودة الى الله، هذه هي الأمة. نحن نعتقد انه بإعادة بناء الامة، في الوضع الواقعي، ان الإسلام بامكانه ان يصبح من جديد موضوعا للتاريخ. شيئا فشيئا، محلياً، بافعال ملموسة من التضامن والغرس الاجتماعي والمحلي. المحلي، ولكن دون روح حزبية أو طائفية:  من منظور عالمي، ملتفةً نحو الإنسانية جمعاء كما هو مطلب الله في القران. اذا كان هناك طوائف، فلا يوجد أمة. كل جماعاتنا، تلبي احتياجات خاصة، ومحلية، ولكن تشكل أمة واحدة ملتفة حول الاله الواحد الحقيقي.

لماذا يشعر الإنسان المعاصر بانه يذوب في مواجهة عالمه المتغير؟ الجواب السريع والسهل هو ، هو كذلك. يُدعى هذا بالاغتراب ، لأنه ليس فقط عاجز ، بل لم يعد هو نفسه ، تتلاعب به قوى تتجاوزه. على وجه الخصوص ، المال ، وإعادة تشكيل كاملة للواقع والروابط الاجتماعية من قبل العالم التقني التجاري ، الذي تتمثل وجوهه المرئية في الصناعة الثقافية وعالم العمل والمجتمع الاستهلاكي. على النقيض من مشروعنا لإعادة الروابط الإنسانية ، والمجتمع الروحي ، فإن النظام الاجتماعي يجسد العالم: يحول كل شيء إلى سلع يمكن التلاعب بها ، حتى البشر ، وحتى العلاقات البشرية. يكسر التجسيد الروابط الإنسانية مع اندماج الرجال في نظامها. بالنسبة لنا ، من خلال إعادة البناء التدريجي للأمة ، سنصبح مرة أخرى موضوعًا للتاريخ ، قادرين على التصرف في العالم ، ويتحمل النوع الانساني المسؤولية التي أوكلها الله إليه: الخلافة على الأرض.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *